top of page

بخصوص الذين ينادونني ليلي

  • Writer: Seen
    Seen
  • Apr 26, 2020
  • 3 min read

Updated: May 26, 2020

على قدر ما تبدو هذه التدوينة شخصية، هي كذلك و أكثر.

أجد صعوبة في الكتابة هذه الأيام فلا أعصر قريحتي، وإن طابت لها الكتابة عن شيء بهذه التفاهة، تركتها تفعل.


مذ تشكَّل وعيي وأنا لا أذكر يومًا أحببت فيه اسمي مهما حاولت. الحب من الله فعلًا!

كنت أحب اسم أختي أكثر، كانت حروف اسمها فاتنة و Sophisticated جدًّا. رسم الكاف والثاء كان يفوق حرف السين الغبي بمراحل!

مرَّة كنت و إياها نلعب مع بنات الجيران، سقى الله أيام الطفولة و حوش البيت وعم رجب. ولا أدري ما كانت اللعبة تحديدًا لكنها تضمنَّت كتابة الأسامي على الجدار، وجعي الذي لا أنساه ولا ينساني! كنت في الرابعة أو الخامسة من عمري، فإذا بي أُملي على مروج أن تكتب ثوثن. فنهضت كوثر من فورها تقول: "انتي اسمك بالسين مو بالثين" المسكينة التي لاقت من تقليدي لها وحذوي حذوها في كل شيء تعباً كبيراً. فحاججتها حتى ارتأت مروج أن تحسم القضية نزولاً عند رغبتي وكتبت ثوثن.

لم أكن من الذين يعيشون حالة نكران ولا يفعلون حيال ما يكرهون شيئاً، نقول عنهم Passive و لا أدري ماذا يسمُّونهم بالعربي على قولة أحلام.

فلمَّا أتممت السابعة تقدَّمت إلى السيِّد الوالد بمعروض مفاده أنِّي أريد تغيير اسمي. و كانت حجَّتي اعتقادي أنَّهم لم يبذلوا في تسميتي جهدًا، بل اختاروا اسماً على وزن اسم الهانم أختي. فرضخ والدي وأقرَّ بحقِّي وأخذ يفعل فعلته لقاء كل طلب لا يملك أن يردَّه ردًَّا قاطعاً: يُماطل. وأنا أخذت أفعل كل ما يفعله ولد لقاء مماطلة والد: يزنُّ.

و مضت أيام استحلى فيها أبي أحاديث تغيير الاسم، و صار يبتدع كل مرة حجة، ويستمتع بانفعالي ومرافعاتي. وأنا كنت طفلة سليطة اللسان، فلا أسكت طيلة الغداء، هو يجاريني وأمِّي تحاول إسكاتي بما أوتيت من حيل. لقمة كبيرة، ترسلني للمطبخ لآتي بغرض، تسألني سؤال للتشتيت، أو توبِّخني. وأنا لا أستسلم. لم أعي أنَّ والدي يطقطق علي إلَّا لما ناداني يومًا وقال لي: جهَّزتي الاسم الجديد، ما بقي شي على تجديد الإقامة؟ لازم تكوني اخترتي. لا أعرف كيف استشففت الحقيقة من عينه! تستهبل يا بابا!! و غضبت منه غضبة حقيقية، وأغلقت ملف القضية إذ أدركت أنَّها معركة خاسرة. ومضت السنون - هادي نفس السنين بس مرفوعة لأنها فاعل وأنا حموت من النحو وكدة -، غضضت فيها الطرف عن اسمي وحبست شعوري نحوه في ركن سحيق من قلبي. حتى فتح الله علي وتعلَّمت شيئاً من الإنجليزي، وعرفت أنَّ سوسن معناه lily، فوقع في نفسي وقعاً لذيذاً، كنت مراهقة ومأخوذة بالدلع والدلال. فاعتمدته حتى انتهيت من المدرسة، وكنت قد قابلت صديقة يعزُّ عليها الانجراف الغربي فأبت أن تناديني ليلي، واشتقَّت من سوسن دلعاً آخر. كانت تقول سونا. وعلى قُبحه أحببته منها.


بعد أن اجتزت سن المراهقة وتخرَّجت من المدرسة، رأيت نقصاً في أن يُنادى المرء بدلعه، و بؤساً في أن أنادى بسوسن. فكنت أفرض اسم عائلتي حتى شاع بين صديقاتي وصرن ينادينني به، وقد كان وسط الجامعة أغلبه ليس من العرب، و Lilish أسهل عليهم من Sawsan. و حملت Lilish معي إلى يومنا هذا، يناديني به أغلب معارفي. مع انقسام طفيف لبعض الدوائر الاجتماعية حسب الحقبة الزمنية التي عرفتهم فيها. أصدقاء المدرسة لازالوا متمسِّكين بسونا، والجامعة والعمل يقولون ليليش، والرافضون لهراء الدلع يقولون سوسن.

فمن يقول ليلي؟

الأصدقاء الذين تنساب من ألسنتهم أنهار شهد. أعدُّهم على أصابعي. ومع أنَّه لا يروق لي أن أنادى به، لما يحمل في طيِّه رقة وأنا أفضِّل الاسم الذي ينمُّ عنه صلابة. لكنِّي لا أملك إلَّا أن أذوب حباً في الذين يختارونه قصدًا ورغماً عن عدم ملاءمة الموقف. بالذَّات بالذَّات في العمل.

في البداية كنت أمتعض، ثمَّ استحال الامتعاض قبولاً، ثمَّ صار شعوراً لذيذًا أستأنس به موجوداً وأفتقده غائباً.

إنَّها أقصر رسالة ود أتلقاها من الزملاء تجعل ساعات العمل حلوة. كلَّما اختار أحد أن يناديني ليلي أشعر أنَّه يشهر سيفه في وجه الرسميَّات فيصير الموقف أكثر لُطفاً.

أطرف ما ألاقي في هذا الشأن، أنَّ الذين يعرفون شعوري نحو سوسن ينادونني به في لحظات الجدِّ. فارتبط شعور الفزع باسمي إذا جاء من بعض الناس. أقسم بالله لا أدري أأضحك من هذا أم أبكي.

تبلورت أسباب كرهي للاسم بعد انعكاسات كثيرة. أسردها في وقت لاحق. يلا باي.

 
 
 

Recent Posts

See All
كلمة

كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمةكلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة كلمة...

 
 
 
ثُمَّ ماذا؟

أشعر دائماً أنَّ نسخة مُصغَّرة منِّى يجلس على كتفي، بالقرب من أذني. لا أراه لكنِّي لا أستطيع تجاهله، ومع أنِّى أنا من يحمله، لكنَّه هو من...

 
 
 
الانضغاط* والمزاج الحَسن.

وقت مستقطع من يوم حافل لتأمل العلاقة بين الأيَّام الحافلة والمزاج الحسن. في ختام أسبوع مجنون، متخم بالأعمال والدراسة والأنشطة الاجتماعية،...

 
 
 

Comments


bottom of page